كتاب فيزياء المستقبل
كيف سيشكّل العلم مصير الإنسان وحياته اليومية بحلول عام 2100
تأليف: ميتشيو كاكو
دار نشر: دبل داي
عدد صفحات الكاتب: 416
يقدم لنا ميتشيو كاكو، أستاذ الفيزياء النظرية في جامعة "سيتي كوليدج" بولاية نيويورك، نظرة أكثر واقعية حول المستقبل. ويشرع السيد كاكو في رسم الاتجاه الذي سيسلكه التقدم التكنولوجي في القرن 21 وهو على علم بأن التاريخ يعج بنبوءات كثيرة لم تتحقق. وليتجنب تلك النبوءات، فإنه يتبنى استراتيجية حذرة تقوم على ثلاثة محاور.
أولاً، يرفض السيد كاكو أي من الأفكار التي تتعارض مع ما هو مفهوم حالياً من القوانين الأساسية للفيزياء. لذا، لا اقتراب من انتقال المادة الآني البُعدي، أو الثقوب الدودية، أو الانتقال بين الأبعاد على الأقل حتى عام 2100 حيث تنتهي توقعات السيد كاكو.
ثانياً، يرفض السيد كاكو الابتكارات التي تتناقض مع طبيعة البشر حتى وإن كانت ممكنة نظرياً. لم يبتعد الإنسان عن رجل السافانا الجوال المتوحش منذ 100.000 سنة إلا قليلاً، ومن غير المرجح أن يتغير وضعه في القرن المقبل. تفضيل البشر لكل ما هو ملموس يُعد مثالاً على ذلك. وهذا يفسر، مثلاً، أسباب عدم تحقق تنبؤات وتكهنات مكاتب المراهنات.
ثالثاً، ذكر السيد كاكو قائمة بالمعلومات المساعدة النافذة التي تلقها مما يزيد عن 300 عالم بارز، بينهم عشرات من الحائزين على جائزة نوبل. وأسفرت مقابلاته الشخصية عن كتاب مسلٍّ لبحث واسع النطاق في مجالات متنوعة مثل الطب، والطاقة، وتكنولوجيا النانو، والكمبيوتر، وقد بذل مجهوداً طيباً في شرح المفاهيم الصعبة التي تملأ صفحات أرقى المجلات العلمية اليوم. حصل المؤلف من الباحثين الذين التقاهم معلومات حول آخر ما توصل إليه العلم في مجالاتهم، لتقديم لمحة عما يمكن أن تحمله لنا الـ100 سنة المقبلة.
ماذا سيحدث في العقود التسعة القادمة؟ هنا، تبدأ التكهنات. سيكون التحريك الذهني Telekinesis أمراً مألوفاً باستخدام وسائل تتحكم فيها أجهزة رسم المخ؛ وستقوم مستشعرات ميكروسكوبية برصد الخلايا كشفاً عن علامات الخطر باستمرار بما يزيد من عمر الإنسان؛ وستقوم عدسات لاصقة تدعم الإنترنت برصد أي شيء وأي شخص على مرمى البصر، بما يمكّن من الحصول على رؤية غير محدودة عند الطلب. باختصار، بحلول فجر القرن الثاني والعشرين، سيمتلك الإنسان، في نظر أسلافه الأوائل في القرن الحادي والعشرين، قدرات "إلهية". وبإزاحة الغلو جانباً، نجد أن هذه المزاعم ليست بعيدة المنال. برغم كل شيء، لعل التقنيات، التي يُنظر إليها بأنها مملة اليوم مثل السيارات والطائرات وأجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة، كان لها نفس الوقع الرائع منذ قرن أو نحو ذلك.
وسيثبت أيضاً أن تقنيات القرن 21 تعمل على تعطيل الاقتصادات وأسواق العمل والمجتمعات. ولكن ربما على نحو لا يخشاه الناس. على سبيل المثال، لا يبدو إنتاج مزيد من أجهزة الروبوت بمثابة نذير سوء بالنسبة لجميع العمال ذوي الياقات الزرقاء؛ هؤلاء الذين يعملون في وظائف خطوط التجميع المكررة. دائما ما سيكون هناك، كما يفيد السيد كاكو، طلب على أنواع معينة من العمل اليدوي.
وبرغم جراءة نظرته للمستقبل، فربما يتحرك السيد كاكو بحرص بالغ. وتتمثل مشكلته في أن التكهنات التكنولوجية تبدو ذات مصداقية إذا دعّمها علم الفيزياء المعروف اليوم. كان من الممكن أن يتعذر التوصل إلى العديد من التقنيات المسلَّم بها اليوم لولا نظريتي النسبية وميكانيكا الكم، وهما النظريتان اللتان أثرتا بشكل كبير على فهم البشر للكون في وقت مبكر من القرن العشرين.
تتفق جميع التنبؤات الواردة بالكتاب مع قواعد أساسية معينة (على سبيل المثال، "النماذج الأولية من كل التقنيات المذكورة...موجودة بالفعل")، وبعض التنبؤات تبدو واضحة للعيان (فرقائق الكمبيوتر ستستمر في التقدم بصورة أسرع وبحجم أصغر). وتبدو تنبؤات أخرى أقرب مما قد كانت عليه قبل عقد من الزمن: على سبيل المثال، ستزداد شهرة السياحة الفضائية، ولا سيما عندما يتم تأسيس قاعدة دائمة على سطح القمر. قد تتحول بعض التنبؤات الأخرى إلى حقيقة – مثل تحميل الإنترنت على زوج من العدسات اللاصقة - ولكن ما إذا كان ذلك مرغوبا يمثل مسألة أخرى. بعض التنبؤات تبدو مألوفة ولكنها ما تزال مذهلة: ستمتلك أجهزة الروبوت عواطف تشعر بها بحلول منتصف هذا القرن، وسنبدأ في تزويدها بالعقل والجسم. وعلى الرغم من معرفة قُرّاء العلوم الشائعة والخيال العلمي بالعديد من هذه التنبؤات، فإن كتاب كاكو يأسر العقول والألباب.